الخميس، 10 مارس 2011

استفتاء تحديد مصير في الصحراء الغربية،

إن الفريقين يتكلمان لغة مختل فة، فلا المغرب يفهم الصحراويين، ولا الصحراويون يفهمون المغاربة، ومن ثَم طال أمد المفاوضات وطال وطال، وهم يطرحون ما طرحته الأمم المتحدة من إجراء استفتاء تحديد مصير في الصحراء الغربية، ولكن هذا الاستفتاء يكاد يكون مستحيلاً في هذه الظروف، فمَن هم الذين سيقومون بالإدلاء بأصواتهم ؟ هل هم السكان في الصحراء حسب السجلات الإسبانية قبل خروج الأسبان سنة 1975م، أم هم السكان الحاليون الذين فيهم الكثير من المغاربة، والذين دخلوا المدن الصحراوية وعاشوا فيها منذ سيطرة المغرب على الأرض، وهذا منذ 1975م وحتى الآن، فنحن نتكلم عن 34 سنة كاملة ؟ ثم مَن الذي سيشرف على الاستفتاء؟ وما هي فترة الاستفتاء وآلياته؟ ومن الذي يضمن قبول كلِّ الأطراف بنتيجة الاستفتاء ؟ وفي حالة عدم قبول طرف هل ستتدخل الأمم المتحدة بجيوشها الأمريكية وغيرها لحلّ الأزمة، أم أن الأطراف المتصارعة لها القدرة على تطبيق ما تريد؟!

الحكم الذاتي وافتقاد الحياد

إن الأزمة شديدة التعقيد، والثقة منعدمة بين كل الأطراف، والاستعماريون ينفخون في النار ليستمر الاشتعال، والعرب في حالة من الموات، وكل هذا أدى إلى الدخول في طريق مسدود؛ فاستمرت المفاوضات سنة وسنتين وعشرة حتى أعلنوا في سنة 1999م توقف خطة الاستفتاء لاستحالتها!

وفي 31 مايو سنة 2000م تتقدم فرنسا وأمريكا بمبادرة مشتركة لمجلس الأمن لصياغة حلّ سياسي يقوم في الأساس على إعطاء حكم ذاتي للصحراويين في الصحراء الغربية، وذلك تحت السيادة المغربية، وهو يبدو في ظاهره حلاًّ يُرضِي الطرفين، لكن الثقة - كما ذكرنا - منعدمة بين المغرب والبوليساريو.

كما أنه لا يخفى على الجميع أن فرنسا وأمريكا لم يدخلا في حل القضية بدوافع الطِّيبة والحرص على حقوق الإنسان؛ ففرنسا أحد أسباب المشكلة في المنطقة، وأمريكا أحد أسباب مشاكل الدنيا كلها، ولكنهما يريدان وضع أقدامهما في كل نقاط الصراع في العالم، ومن هنا فقد رفضت جبهة البوليساريو - ومن ورائها الجزائر - لهذا الطرح، خاصةً أن التقارب بين أمريكا والمغرب كبير، ولن تكون الوساطة تامَّة النزاهة!

وماتت المفاوضات عدَّة سنوات، ثم برزت أمريكا من جديد كوسيط وحيد في مشكلات العالم لتدعو الطرفين للتفاوض تحت رعايتها، وقَبِل البوليساريو في ظل الوضع المتردي لجمهوريتهم الاسميَّة والموجودة في تندوف بالجزائر، وبدأت سلسلة من المباحثات في ضاحية مانهاست بنيويورك في أمريكا، ووصلت عدد الجولات بين الفريقين إلى أربعة، وقد باءت كلها بالفشل الذريع، وهم الآن يمهدون للجولة الخامسة، وأغلب الظن أنها ستفشل كما فشلت الجولات الأربعة السابقة.

لقد أصدرت الأمم المتحدة قرارًا خطيرًا بوجوب الاستفتاء في الصحراء قبل 30 إبريل 2010م، وتميل جبهة البوليساريو إلى هذا القرار، أما المغرب فتميل إلى فكرة الحكم الذاتي تحت سيطرة المغرب، وأصابع الأمريكان والفرنسيين والأسبان واليهود ليست بعيدة عن الأحداث.

هل ينبغي أن تضمَّ المغرب الصحراء الغربية كلها وتعرض عن رغبات الصحراويين؟!

أم هل يتم تقسيم الأرض بين المغرب والبوليساريو؟!

أم هل يُقام حكم ذاتي للصحراويين داخل إطار الحكم المغربي؟!

أم هل يُجرى استفتاء بين الصحراويين لتحديد المصير؟!

أم هل يستقل الصحراويون بالصحراء الغربية، ويكوِّنون دولة ذات سيادة كاملة على أرضها؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق