الأربعاء، 23 مارس 2011

أدينوهم، لأنهم صمتوا على الطاغية


قال العقيد معمر القذافي أن حفنة قليلة من الفاشيين والمجانين تقود العدوان على بلاده، وتحدّث الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح عن حفنة من الانقلابيين تسعى إلى الانقضاض على الديمقراطية في يمنه غير السعيد، وقبلهما، قال الرئيس السوري بشار الأسد، أن حفنة من المندسين تسعى إلى الانقلاب على وحدة الشعب، في الوقت الذي كان فيه مبارك وبن علي، قد تحدثا قبل سقوطهما أيضا عن حفنة من المغرر بهم أو المضللين، أو حتى منفذي الأجندات الأجنبية، من يعيثون فسادا في البلدين الآمنين، ويهددان استقرار تونس ومصر؟!!

  • الحفنة أو، بتعبيرنا المحلي، الكمشة الساعية، لتنفيذ انقلاب على الشرعية، يقابلها في لغة الضاد، أو في معاني السياسة، لفظ الأقلية، والحقيقة، أن الزعماء العرب جميعا، دون استثناء، دائما ما نظروا إلى المخالفين لهم، والمعارضين، على أنهم مجرد أقليات، موازاة مع اعتقادهم أنهم ينعمون بالأغلبية المريحة، رغم إدراكهم التام، أن تلك الأغلبية التي يستندون عليها، مصنوعة بالتزوير في مخابر وزارات الداخلية، والأمن العام، وجحور المخابرات، لكن حتى إن كان الحديث عن الأقلية صحيحا، فلا شك أن نتائج الثورات تبشر بالخير الكبير، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله؟!!
  • الأقلية الثورية في كل بلد عربي، جاءت لتكون لسان حال الأغلبية الصامتة، ولنعترف أن الكثير منا، خافوا أن يكونوا أحد أولئك المندسين الشرفاء، أو منفذي الأجندات الأجنبية العظماء، أو المضلل بهم الأتقياء، أو المغرر بهم الأنقياء، هذا طبعا مع مراعاة فروق الشرح والتبرير، لمعاني التضليل والتغرير والاندساس والأجندات الأجنبية؟!!
  • مفكرون عرب كثر، راحوا ينظرون من فوق أرائكهم المريحة، وعبر شاشات الفضائيات التي يقبضون منها أجرا بالدولار، للحديث عن الفوارق بين الاستبداد والاستعمار وأيهما أرحم، لدرجة، قد يضاعف فيها، بعضهم "أجره" فيتحدث عن معاني الخروج عن الحاكم، وسلبياته، وأيضا ضرورة الصبر حفاظا على وحدة الأمة، وكأن تلك الأمة، كانت في غاية الرفاهية والتحضر، والرقي، تحت حكم هؤلاء المستبدين الظالمين، أو كأن هؤلاء لم يستعينوا بالأجنبي للبقاء في الحكم، وكانوا يقطرون وطنية وحبّا وإخلاصا للبلاد والعباد؟!!
  • كثير من الثورات العربية، في مصر، وتونس، واليوم في ليبيا، واليمن، منحت الحاكم وبطانته الفاسدة، فسحة من الوقت للتراجع، خوفا من التدخل الأجنبي، أو سعيا لحقن دماء الشعب، أو اتقاء لفتنة أكبر من التي تحدث، لكن هيهات، جميعهم تمسكوا بالكرسي، ورفضوا التخلي عنه، إلا بعد ما جلبوا الويلات لبلدانهم، وعاثوا في الأرض فسادا، وقتلوا وهجّروا الآلاف، بشكل جعل من مسألة محاكمتهم، أمرا لا بد منه، ولا يجوز التراجع عنه، احتراما لدماء الشهداء.
  • رسالة إلى هؤلاء الذين يدينون الثوار بسبب استعانتهم بالأجنبي، أدينوهم، لأنهم صمتوا على الطاغية كل هذه السنين، أدينوا الجيوش العربية والإسلامية التي استكانت وفتحت أبوابها لجيوش الآخرين، أدينوا الحاكم الذي طغى وتجبر، وظن أنه بقتل المزيد، سيستمر في الحكم، أدينوا الصمت الذي جعل دماء الأبرياء تبرد دون حسيب ولا رقيب، على مرّ السنين.
  • لا تحكموا على الثورة بأولئك المعارضين الجالسين مع ساركوزي وهيلاري كلينتون، أو حتى المتحدثين في الفضائيات، لا تحكموا عليها بوجوه النظام السابق المستقيلين، والمتسلقين للمرحلة الجديدة، بل احكموا على الثورة، بعرق البسطاء، ودماء الأبرياء، بجروح الأمهات الثكالى، ودموع الرجال، وتطلعات الشباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق