الأربعاء، 11 يناير 2012

الإسلام دين ناظم لكل جوانب الحياة


PDF طباعة إرسال إلى صديق

أحدثكم اليوم عن خلق ذميم، عن عمل بغيض، عن منهج عليل، عن مسلك قبيح، عن مسار تافه، عن التقليد ما حكم التقليد؟ ما حكم الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية؟ ما حكم عيد الأم؟ ما حكم عيد الحب؟ في البداية لا بد أن ألفت انتباهكم، إلى فكرة ينبغي أن تبقى متوقدة في عقولكم وقلوبكم، إلى فكرة لا بد من إذكائها وإنعاشها وتحديثها في نفوس المؤمنين بين الفينة والفينة· وهي أن الإسلام ليس مجردَ صلوات وابتهالات، وأذكار وأوراد، تؤدى في أوقات مخصوصات، وأيام معلومات، ثم أنت في غير ذلك حر تفعل ما تشاء، بل الإسلام دين يدخل في كل جزئيات حياتك، وتفاصيل حركاتك، الإسلام يدخل في كل جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وإذا رأينا يوماً أمة مسلمة اعتراها بعض الضعف، أو علاها بعض الهوان، فما ذلك إلا لأنها غيّبت أو نحّت الإسلام عن قيادة بعض جوانب حياتها· الإسلام ليس لقلقة ألسنة، ولا تمتمة شفاه؛ الإسلام دين ينظم علاقة الإنسان مع ربه، ومع الحياة على اختلاف تنوعها وأشكالها، مثال ذلك الطعام الذي نأكله وضع له الإسلام أسساً وضوابط: نوعاً وكميةً وطريقةً، وما ذلك إلا لأن الإسلام دين ناظم لكل جوانب الحياة· حدد الدينُ لنا نوع الطعام فقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة: 172)· وضبط كمية الطعام فقال تعالى: ((يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) (الأعراف: 31)· وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما مَلأ آدميّ وعاء شَرّا من بَطْن، بِحَسْب ابن آدم لُقَيْمَات يُقِمنَ صُلْبَه، فإن كان لا مَحَالةَ: فَثُلُث لطَعَامِه، وثُلث لشرابِهِ، وثُلُث لنَفَسِه)· وفصّل طريقة الأكل فقال صلى الله عليه وسلم: (يا غلام سم الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك) (متفق عليه)· الإسلام دين ناظم لكل جوانب الحياة، الإسلام يدخل في كل جوانب حياتك الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية· ومن الأمور التي تدخّل فيها الإسلام وضبطها في حياة تابعيه، الشخصية المسلمة، فلقد حرص الإسلام على أن تكون للمؤمن شخصيةٌ متميزةٌ، مصطبغةٌ بصبغة دين الإسلام، ليست متذبذبة بين شرق ولا غرب، ولا شمال ولا جنوب، إنما هي مجموعة صفات مستمدة من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم· وهاكم بعضَ الآيات التي وردت في القرآن الكريم تحث وتبين أن المسلم مستقل في شخصيته، وفي منهجه، وفي دربه، لا شرع له إلا دين الله، ولا أسوة له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم· قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ)) (الأحزاب: 1)· وقال أيضاً: ((ثم جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(20)) (الجاثية)· وخاطب موسى وهارونَ فقال لهما: ((فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون)) (يونس: 89)· وقال تعالى: ((لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) (المائدة: 48)· وقال أيضاً: ((لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68)) (الحج)· منسكاً: شريعة· وقال أيضاً: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) (المائدة: 51)· وقال أيضاً: ((وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ) (المائدة 48)· وقال أيضاً: ((ولا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (المائدة: 49)· فالمسلم الحق هو من يتحرك بهدي الله في أعياده، في احتفالاته، في لباسه، في علاقاته، في شؤونه كلها صغيرها وكبيرها، وما أتعسه وما أشقاه ذاك الذي تخلى عن هدي ربه وسنة رسوله· تعالوا معي لنستعرض بعض النصوص التي تناولت التقليد:

-1 المقلد لغير المؤمنين محروم من ولاية الله ونصره الله: قال الله تعالى: ((ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير)) (البقرة)·

2 - المقلد لغير المؤمنين محروم من رعاية الله ووقايته: وقال أيضاً: ((وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ)) (الرعد)·

3 - المقلد ظالم: يقول الله تعالى: ((وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ)) (البقرة)·

4 - شر المسلمين من اتبع عادات غير المسلمين: روى شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليحملن شرار هذه الأمة على سنن الذين خلوا من أهل الكتاب حذو القذة بالقذة) (رواه أحمد والطبراني)·

5 - لا بد أن يُكوَى المتبع لعادات غير المسلمين بنار جهنم: قال تعالى: ((وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)) (النساء)·

6 ـ من آتاه الله هدي الإسلام فألقاه وراء ظهره وتطلع إلى هدي آخر قال الله عنه: ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)) (الأعراف)·

- عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) (رواه أحمد وأبو داود والطبراني)·

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق